جعفر الكذاب هو ابن الامام علي بن محمد الهادي ( عليه السلام ) ، و إنما سُمي بالكذاب لإدعائه الامامة كذباً و إفتراءً ، و قد كان الأئمة ( عليهم السلام ) أخبروا بذلك قبل ولاته .
فعَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ( عليه السلام ) فَقُلْتُ لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) أَخْبِرْنِي بِالَّذِينَ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُمْ وَ مَوَدَّتَهُمْ وَ أَوْجَبَ عَلَى عِبَادِهِ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ؟
فَقَالَ لِي : " يَا كَنْكَرُ إِنَّ أُوْلِي الْأَمْرِ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ اللَّهُ أَئِمَّةً لِلنَّاسِ وَ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ طَاعَتَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، ثُمَّ الْحَسَنُ ، ثُمَّ الْحُسَيْنُ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، ثُمَّ انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَيْنَا " ، ثُمَّ سَكَتَ .
فَقُلْتُ لَهُ : يَا سَيِّدِي رُوِيَ لَنَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) أَنَّهُ قَالَ : " لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ " ، فَمَنِ الْحُجَّةُ وَ الْإِمَامُ بَعْدَكَ ؟
فَقَالَ : " ابْنِي مُحَمَّدٌ ، وَ اسْمُهُ فِي التَّوْرَاةِ بَاقِرٌ يَبْقُرُ الْعِلْمَ بَقْراً ، هُوَ الْحُجَّةُ وَ الْإِمَامُ بَعْدِي ، وَ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ جَعْفَرٌ وَ اسْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ السَّمَاءِ الصَّادِقُ " .
فَقُلْتُ لَهُ : يَا سَيِّدِي كَيْفَ صَارَ اسْمُهُ الصَّادِقَ وَ كُلُّكُمْ صَادِقُونَ ؟
قَالَ : " حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) قَالَ : إِذَا وُلِدَ ابْنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَمُّوهُ الصَّادِقَ ، فَإِنَّ الْخَامِسَ الَّذِي مِنْ وُلْدِهِ الَّذِي اسْمُهُ جَعْفَرٌ يَدَّعِي الْإِمَامَةَ اجْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ وَ كَذِباً عَلَيْهِ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ جَعْفَرٌ الْكَذَّابُ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ ، الْمُدَّعِي لِمَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ ، الْمُخَالِفُ عَلَى أَبِيهِ وَ الْحَاسِدُ لِأَخِيهِ ، ذَلِكَ الَّذِي يَكْشِفُ سِرَّ اللَّهِ عِنْدَ غَيْبَةِ وَلِيِّ اللَّهِ " .
ثُمَّ بَكَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بُكَاءً شَدِيداً .
ثُمَّ قَالَ : " كَأَنِّي بِجَعْفَرٍ الْكَذَّابِ وَ قَدْ حَمَلَ طَاغِيَةَ زَمَانِهِ عَلَى تَفْتِيشِ أَمْرِ وَلِيِّ اللَّهِ وَ الْمُغَيَّبِ فِي حِفْظِ اللَّهِ ، وَ التَّوْكِيلِ بِحَرَمِ أَبِيهِ جَهْلًا مِنْهُ بِوِلَادَتِهِ وَ حِرْصاً عَلَى قَتْلِهِ إِنْ ظَفِرَ بِهِ وَ طَمَعاً فِي مِيرَاثِ أَبِيهِ حَتَّى يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ " .
قَالَ أَبُو خَالِدٍ : فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ ؟!
قَالَ : إِي وَ رَبِّي ، إِنَّ ذَلِكَ لَمَكْتُوبٌ عِنْدَنَا فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْمِحَنِ الَّتِي تَجْرِي عَلَيْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ " .
قَالَ أَبُو خَالِدٍ : فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا ؟
قَالَ : " ثُمَّ تَمْتَدُّ الْغَيْبَةُ بِوَلِيِّ اللَّهِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ أَوْصِيَاءِ رَسُولِ اللَّهِ وَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ .
يَا بَا خَالِدٍ : إِنَّ أَهْلَ زَمَانِ غَيْبَتِهِ وَ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ وَ الْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ ( عليه السلام ) أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ وَ الْأَفْهَامِ وَ الْمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عَنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاهَدَةِ ، وَ جَعَلَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) بِالسَّيْفِ ، أُولَئِكَ الْمُخْلَصُونَ حَقّاً وَ شِيعَتُنَا صِدْقاً ، وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِ اللَّهِ سِرّاً وَ جَهْراً " ( بحار الأنوار : بحارالأنوار : 36 / 386 ) .
منقول